مجلة سويلم

 

السلام على الجميع ... سويلم

 

 

 

 

جزء 4 من

قصتى

صراخ صامت من بعيد

***********

فرح حميدو

 

فالتقطت ام "حميدو" الكلام مرحبة بالزيارة.. بل وعمل الواجب لأخو " صابرة" هو احنا ح يجينا احسن منة.. اهلا وسهلا ياخويا.

 

ولم تكذب خبرا كما يقولون, بعد ان تكلم "محمد" مع "صابرة"  فى ركن من اركان المطبخ وبصوت منخفض انصرف مع "ام حميدو" فى طريقهم الى محل" حميدو"... وهناك  تعارف الجميع كأسرة واحدة واندمج الجميع فى احاديث شتى.

 وقبل غروب الشمس بقليل, اغلق "حميدو" المحل, وصاح على امة بأن تغلق كشك الجرائد والسجائر, واتجهم جميعا الى الزقاق حيث حجرة "حميدو" شديدة التواضع, وهناك لقى " محمد" كل الترحيب المستطاع وهو متواضع للغاية.. كوبا من الشاى بعد تناول لقيمات من الجبن والفول واعواد الجرجير طعام الفقراء المستطاع.. وحمدوا اللة جميعا علىهذة النعمة.

اما من صور التكريم " لمحمد" اخو" صابرة" فقد حظى بأن قدم الية "حميدو" الكرسى الوحيد فى الحجرة الضيقة, الخانقة.. كرسى متداعى يكاد يسقط على الارض الى حطام نخرة, اما هم فقد جلسوا امامة ساندين ظهورهم الى حائط متهرىء من عمل الرطوبة.. جلسوا على فرشة كانت سجادة يدوية من بقايا اقمشة بالية, لم تحميهم من رطوبة الارضية فى شتائهم هذا شديد البرودة.

 

**

المهم اخبرة" حميدو" بأنة سوف يذهب غدا لشراء كنبة, واشار الى سرير متواضع وقال ل" محمد": ان شاء اللة سوف يكون هذا السرير لة مرتبة بعد دهانة  جيدا.

فرد علية محمد مبدى تعاونا حقيقيا: وانا يا سيدى اللى ح ادهنة ليك اصلى كنت بشتغل فى دهان الخشب عند نجار فى القرية قبل ان احضر للشغل فى مصر.

شكرة "حميدو" على تعاونة معة, وقال لأخو"صابرة": شوف يا محمد انا ح احط "صابرة " فى عينيا ونفسى اجيب واجيب لكن انت عارف العين بصيرة واليد قصيرة, ان شاء اللة  بكرة تشوف مرتبة وزوج من الوسائد وسوف احضر "وابور جاز"جديد بجوار هذا القديم, وسوف اشترى ويعننى اللة حلة كبيرة واخرى متوسطة للطبخ.. وان شاء اللة يكون كلة تمام.

ان شاء اللة.

ان شاء اللة يابنى ربنا يعينك.

هز " محمد اخو "صابرة"رأسة موافقا على كلام "حميدو"  ودعى لهم بالتوفيق من اللة.

وعندما ارد الانصراف خرج وبجوارة"حميدو" حتى بداية الزقاق, واتفقا على ان يذهبا سويا لشراء الكنبة فى صباح الغد على ان يجىء "حميدو" عند مكتب الاستاذ" تيمور حسين" المحامى حيث يشتغل "محمد" هذا ساعى فى مكتب الاستاذ.

 

**** وقبل الفرح بيوم كان كل شىء قد وضع فى مكانة المرتبة الجديدة تنتظر حادث سعيد

والوسائد ناعمة مازالت تبرق وتنتظر !!

**

وفى صباح اليوم الموعود.. يوم الخميس لم يذهب " حميدو" كعادتة الى المحل, بل ذهب الى الاسطى" نعيم" الحلاق , ثم اتجة لفورة الى " عبد المقصود" الخياط ليأخذ جلبابة المعد للفرح الموعود, ومن الخياط اتجة الى السوق.. سوق الخضار والفاكهة لشراء بعضا من الموز والبرتقال واليوسفى الذى يحبة لكى تأكل منة العروس    " صابرة" وتستمتع معة فى تناول اصابع الموز اللذيذ فى المساء عندما ينفرد بها ولكى يشجعها كمقدمة لأشياء اخرى خلاف النظرات واكثر من القبلات.

وعندئذ ابتسم " حميدو" فى مكر ودهاء وهو يتذكر هذة الاشياء التى هو مقبل عليها.

بعد ذلك دلف "حميدو" الى الزقاق الضيق الذى يعيش فية ولم ينتبة الى بركة المياة

القذرة التى امامة فغاص فيها بقدمية التى انتشلها سريعا وهو يلعن اشياء كثيرة محيطة بة وتكاد تخنقة

وقال فى نفسة الا لعنة الله على الفقر اين انا وفقرى من شوارع وسط البلد الا استطيع يوما ان اقطن بها؟

 

المهم انة دلف الى حجرتة بعد ان ترك حذائة المهترء خاج الحجرة الضيقة, وغابت عنة سعادتة حينما وضع اكياس الفاكهة على المنضدة القديمة فتهاوت على الارض مفرقة حبات البرتقال و اليوسفى واصابع الموز فى انحاء الحجرة الضيقة.. وارد ان ينفس على نفسة بعد ان اعاد الفاكهة فى اكياسها فأخذ اصبع من الموز والتهمة فى لحظة وكأنة يلتهم الفقر حتى ينصرف عنة بعيدا... انة دائما ما يصرخ من داخلة فى كبت وضبق من فقرة وفقر جيرانة الطيبين ويريد لنفسة ولللآخرين قدرا ولو معقول من العيشة الحسنة ولكن كيف؟!!

واين ضمائر الناس " المبسوطة"  ؟ ولماذا هم بعيدا عنا ؟ الا يعلموا ان هناك حساب ؟

وانقلب تفكيرة من السعادة الى الغم رغما عنة فى يومة هذا المنتظر على احر من الجمر كما يقولون  !

وفى محاولة من فى استرداد معنوياتة المتفائلة اوقد موقدة الجديد " وابور الجاز" ووضع علية " حلة " كبيرة

بها كمية من الماء... وانتظر بجوار الموقد مستمعا الى سيمفونية صوت الموقد الجديد حتى تغلى المياة لكى يستحم للفرح .. فرحة الموعود مع حبيبتة " صابرة".

 

كانت امة فى تلك الاثناء فى فيلا " القمر" تعد " السندوتشلت" وقطع " الجاتوة" الجيد وتضعة فى علب كبيرة الحجم نوعا ما مشاركة مع الطباخين والعروس بنفسها وهى تفكر فى ليلتها هذة مع حبيبها الموعود

كل طلبات الفرح مقدمة طبعا من سيدتها الجميلة العطوفة " عقيلة هانم" بمناسبة زواج "صابرة" خادمتها المطيعة التى عاشت معها ايام السعادة وايام الحزن .

كانت ام "حميدو" تغنى فى سرور بالغ وهى تعد مع الجميع العلب وتقوم بتقفيلها جيدا, وبعد ان انتهت من اعداد العلب اخبرت " صايرة" بأنها سوف تذهب الى "حميدو" لتساعدة فيما يحتاج الية من مساعدة, وفى اثناء ذلك كان "حميدو" قد انتهى من حمامة وارتدى ثيابة الداخلية الجديدة وفتح الباب ثم حمل وعاء الماء الكبير الذى كان يستحم بة والقى بالماء القذر امام الحجرة ليزيد من الطين بلة, وحينما هم بالدخول رأى من بعيد امة تسرع الخطى فى بداية الزقاق, فترك باب الحجرة مواربا ليرتدى جلبابة الجديد.

 

 

***

نحن هنا فى الفرح الكبير , هنا الكثير من اولاد البلد اصحاب "حميدو"

فهذا "ابودريس" صاحب عربة الترمس المشهور بجوار محل "حميدو" وهنا" ناصر" صديقة قضى معة الاوقات الحلوة فى الجبش, اما هذا فهو " المعلم مرجان نصار" صاحب عربة الكشرى التى على ناصية الزقاق , وغيرهم كثيرين من اصدقائة اولاد البلد الحقيقيين الذين وقفوا معة مواقف كلها رجولة وشهامة فى وقت الضيق,

 والضيق ملازم لهم فلا مفر من ان يتحدوا لمواجهتة, تلك اصالة المصرى الحقيقى, فأين هى من الاغنياء ؟!!

اة لو التفت الجميع لما كان هناك فقر !!

 

***

اصدقاء حميدو هنا وهناك فى سعادة غامرة لزواج صديقهم المحبوب لديهم, وكلا يرفل فى جلبابة الابيض الفضفاض هنا وهناك فى مرحهم المعهود.

 

***

اما العروس "صابرة" فقد كان بالفرح صديقتها المحببة الى نفسها " نفيسة" بنت المعلم" مرجان نصار" وحبيبة قلبها" تفيدة" بنت " الاسطى عبدة" , اما صديقتها " عنايات" خادمة " تيمور حسين المحامى" فكانت كاتم اسرارها, وغيرهن كثيرات كن يملئن الفرح بهجة ودلال.

 

وفى ركن منزوى من الخيمة الكبيرة جلس مجموعة من اولاد البلد من اصدقائة يحتسون بعضا من زجاجات البيرة وبجوارهم "قراطيس" من الترمس كمذة, وفى ركن آخر جلس " المعلم مرجان نصار" مع اقرانة وسحابات الدخان تعبق المكان , يشدون انفاسا من سجائرهم المحشوة بالحشيش حتى بدى ركنهم من بعيد وكأنة بداية حريق سوف يندلع حيث كان الدخان يخفى الوجوة من كثرة التدخين والانسجام.

 

وعندما اعتلت" فتكات سوست" الراقصة  المسرح اتجهت الوجوة المفترسة تغرس انظارها فى صدر وارداف وارجل الراقصة الحسناء التى كانت تتمايل فى دلال زادت من ثورة الرجال فعلت اصواتهم  وكلت ايديهم من التصفيق والهتاف بحياة الراقصة "فتكات" التى اندمجت فى الرقص فبدى صدرها الرجراج وكأنة يتمايل مع الانغام, وهنا فقد المعلم" مرجان نصار" عقلة وصعد الى حيث "فتكات" واخذ يرقص بجوارها ويتعمد ان يمد يده اليها فتضرب هى على اطراف يدية فى دلال ورقة بالغة , والجميع فى حبور وعصا " المعلم" تتمايل فى يدة فى نشوة ملحوظة... تتمايل الراقصة على صدر المعلم كما لو كانت تدعوة الى قبلة ثم تفر منة فى دلال فيهيج كل من فى الفرح ويعلو اصواتهم واعجابهم بالراقصة اللعوب.

 

وفى المكان الرئيسى فى الخيمة الكبيرة يبدو العريس منسجم من رقصات "فتكات"... ونسى نفسة انة بجوار حبيبتة العروس, ولم ينتبة الى "صابرة" الا عندما وكزتة فى زراعة المقرب اليها, فتبسم ضاحكا واخذ يدها فى يدة فى محاولة لأرضائها بعد اول خيانة امام عينيها.

 

 

***

الست الهانم "عقيلة هانم" جلست فى شرفة الدور الثانى المطلة على الحديقة الخلفية للفيلا حيث الخيمة الكبيرة والرقص والطرب وبجوارها كلبها الضخم يعلو صوتة بالنباح فى محاولة منة فى ابعاد هؤلاء الناس... واثناء ذلك شاهدت "تامر" حبيبها يدخل خيمة الفرح متجها الى العروس والعريس ليبارك لهما على الزواج السعيد وحياة سعيدة ثم التفت الى ناحية نباح الكلب فوجد "الهانم المحبوب" فى الشرفة  , فأخذ طريقة المعروف حيث كانت.

 

كانت "عقيلة" رغم فرحها بزواج خادمتها "صابرة" الا نها كانت تبدو حزينة لأنها سوف تكون وحيدة ولم تخفى خاطرها هذا عن "تامر" الذى اخذ مكان بجوارها على مقعد من الخيزران المبطن بوسائد وثيرة,  وعندما لاحظ دمعة تتلاءلاء على اضواء مصابيح الفرح امسك بيدها وشد عليها بكلتا يدية وطبع قبلة على يديها... قبلة حارة جعلتها تنسى الدنيا بما فيها حتى ضجيج الفرح لم تعد تسمعة بالرغم من  صراخ المعجبين بالراقصة وزئير المعلم " مرجان نصار" ونباح كلبها المدلل.

لم تنتبة" عقيلة" الى الخيمة الا عندما سمعت ضجيج الطبول والزغاريد والتكبير, فلقد حان الان موعد زفاف "صابرة" الخادمة التى كانت معها احلى الايام ومرها بعد وفاة زوجها " شرف الدين ابو العز" .

وفى المقابل كان شعور " صابرة" هو الحب كلة الى سيدتها " عقيلة"  , وفى لفتة حب حقيقى لخادمتها نزلت     " عقيلة" الى باب الخيمة حيث كانت خادمتها " صابرة" فى طريقا الى بيت الزوجية... وفى عناق حقيقى مشوب بالعاطفة احتضنا بعضهما فى عناق شديد , ممزوج بفرحة وحزن معا.

 

ولم تتماك "صابرة "الموقف فأخذت يد سيدتها تقبلها وهى تدعو لها بحياة سعيدة, وفيما قالت لها:

انا يا ستى مش ح اغيب عليك, انا كل يوم حاجى اشوفك.

ولم تنبس " الهانم" بحرف الا انها كانت حزينة فعلا لفراق خادمتها.

ودست فى يد خادمتها مبلغا كبيرا من المال وقبلتها على وجنتيها ثم انصرفت بصعوبة من خلال الزحام الشديد.

***

 

ومن فيلا القمر حتى زقاق" حميدو" كانت الجموع تسير بالدفوف والطبول مع اصوات الزغاريد وضجيج الرجال وتصفيقهم وراء الراقصة" فتكات سوست" التى كانت تقود المسيرة والجمع الغفير رهن هزة من وسطها !!

وامام حجرة العريس" حميدو" اعتلت الراقصة عتبة الحجرة المرتفعا نسبيا واخذت تهز اردافها وترج نهديها فى دلال اخاذ, حتى صاح المعلم" مرجان" من مكان قريب منها وبصوت كزئير الاسد: ارحمى العباد ياست

 

فأنفجر الجمع فى ضحكات عالية  , وحينئذ انتهت وصلة الرقص تماما ودخلت مع العريس والعروسة الحجرة الضيقة وشربت كوبا من شربات الورد قدمها لها "حميدو"

وعندما دخلت امة الحجرة الضيقة بصعوبة من وسط الزحام, دعت الراقصة فى ابتسامة ماكرة ان ترأف بالحشد الكبير فى الخارج وتخرج اليهم وترقص معهم قليلا حتى اول الزقاق ومنة تركب سيارتها الى حيث مأواها, وبمكر النساء استطاعت " ام حميدو"  ان تقنع" فتكات"  بأنها اكثر من جميلة وما عليها الا ان تخرج الى الرجال بالخارج حتى يتبعوها الى اول الزقاق.. تلك كانت خطة "ام حميدو"  لكى يستطيع العروسين ان ينعما ببعضهما.

 

تلك مشكلة حلتها الام ولم تجد لتواجدها بالحجرة مع العريسين حل !!!!

المشكلة عويصة حقا ولم يفكر " حميدو" و لا امة فى الامر هذا.... اعنى بة كيف تتواجد امة فى الحجرة الضيقة مع العروسين؟

ظهرت المشكلة فجأة ولم ينتبة لها  ابنها و لا امة رغم حرص "حميدو" على كل صغيرة وكبيرة فى اعداد الفرح.

المشكلة عويصة وصعبة الحل فماذا هو فاعل الآن؟

!!!!!!!!!!!

انفض الجمع وابتعدت الاصوات بعيدا وبقيت الام مع العروسين

الام مرتبكة واكثر ارتباكا العريس وعروسة !!

الام تعلم جيدا ان وجودها الآن من الصعوبة بمكان فالحجرة الضيقة هذة  سوف تكون مسرح تموج فية بعد قليل الحركة والجذب والضم.

وفكرت الام مليا وبسرعة وبصعوبة ابتسمت لهما واخذت طريقها الى الباب حاملة غطاء يقيها من البرد وقالت لهما بود: مش تشيلوا همى انا حأنام بجوار عتبة الباب !!

فقال " حميدو": لا يامة انت فى عيونى انا حأتصرف.

كل ذلك و "صابرة" صامتة ومضطربة للموقف ولا تدرىأأضطرابها من الموقف هذا ام من المواقف القادمة.

وبسرعة انتزع "حميدو" ملاية السرير وذهب الى ركن من الحجرة الضيقة يبحث عن مسمارين وحبل الغسيل البالى واخذ " الشاكوش" واتجة الى جانب من الحجرة ودق فية مسمار ثم اتجة الى الجانب المقابل ودق المسمار  الآخرثم قام بربط حبل الغسيل البالى فى كلا المسمارين, وشد الحبل جيدا, و" صابرة" ناظرة والام كادت تبكى من ضيق المكان, ولم يلتفت اليهما "حميدو" الا عندما خاطب امة ان تساعدة فى نشر الملاية , وعندما  نشرت الملاية بدت كستار من الناحية الاولى من الحجرة الضيقة بدى السرير الجديد اما الناحية الاخرى فبدت كنبة امة التى سوف تنام عليها قريرة العين حامدة ربها على نعمة العيش.!!

وهكذا تم الفصل بين القوات!!!!!!

وهكذا اصبحت ام "حميدو" منفصلة عن ابنها وعروسة التى كانت جالسة فى ركن من اركان مملكتها الصغيرة بجوار السرير الجديد او قل المتجدد.. كانت" صابرة" تشعر بخجل واضح فلأول مرة يحتويها مكان مع رجل الذى اخذ بيدها فى رقة واجلسها على السرير فزاد خجلها وهى تعرف ان هناك او لا تقل هناك بل قل بجوارهما ملاصقة توجد الام وكنبتها على بعد اشبار.. ام تنصت الى كل همسة تصدر من الجهة الاخرى.

الا ان "حميدو"نزل من على السرير وازاح الستار وحمل طبق من الفاكهة واعطى امة نصيبها  وهو يربت على كتفها وهى تبتسم لة فقط , ثم اعدل من وضع الستارة.

وعلى ضوء "لمبة جاز" اخذ "حميدو" يقشر لعروسة برتقالة كبيرة وهو يدعوها ان تأكل اصابع من الموز

كل ذلك بصوت هامس وكأنهم يهموا بسرقة شيئا ما !!

وبعد محاولات مضنية تمكن "حميدو" من ان يجعل "صابرة تبتسم فى رقة ودلال وهى ترمى " ايشاربها" الابيض بعيدا فبدى شعرها الطويل شبة الناعم فأبرقت عيون "حميدو" كالمجنون وانقض على فم " صابرة" كالثور الطليق.

 

 

***

فى الصباح الباكر وعند آذان الفجر استطاعت "ام حميدو" ان تخرج لصلاة الفجر فى المسجد القريب مصطحبة صديقة لها  تعودا من مدة طويلة على الصلاة فى المسجد القريب حيث اعد مكان لصلاة النساء فكان لا يذهب فى هذا الوقت الا عجائز النساء مع كم غفير من رجال وفتيان الزقاق لتأدية صلاة الفجر .

تبادلت "ام حميدو" بضع كلمات مع صديقتها التى قالت لها: والله " يأم حميدو" ما افتكرت اعزمك للمبيت عندنا او بمعنى اصح انت عارفة الحال !!

فقالت " ام حميدو" ربنا يوسع على العباد يأختى الحال من بعضة

***

وفى طريق العودة .. عودة "ام حميدو" كان فى يديها صحن من الفول المدمس وعلى رأسها كمية لا بأس بها من الخبز وفى يدها الاخرى كمية من البصل الاخضر اللذيذ مع قرون من الفلفل الرومى وبعض اقراص من الطعمية الشهية.

وعندما دلفت الحجرة بتلصص لكى لا تزعج النيام, الا ان ابنها خاطبها من وراء الستار بكحة يعرفها انة قد استيقظ

فقالت لة: صبحية مباركة يابنى

فسمعت صوتة من وراء الستار: صباح الخير يأمة

يسعد صباحك يابنى

وسمعت ايضا من وراء الستار صوت "صابرة" يقول: صباح الفل " يأم حميدو"

 

فأتسعت ابتسامتها وهى تقول: يسعد صباحك  يابنتى

**

وفى الركن  بجوار الكنبة كانت الطبلية تعد للفطور وسمع حميدو  صوت" وابور الجاز " الجديد, فأزاح الستار فبدت الحجرة الضبقة اوسع قليلا , وشاهد امة وهى تضع غلاية كبيرة بها ماء توضع على الموقد الجديد

فأبتسم فى نشوة لم تلاحظها امة, ثم نظر الى " الطبلية العامرة فشكر ربة واتجة مباشرة الى الحمام الاكثر ضيقا ليأخذ حمامة الصباحى, اما "صابرة" فجلست على السرير تتبادل بعض الكلمات مع امة وهى فى حياء شديد !!

 

**

تناولا جميعا الفطار بشهية زائدة واسند "حميدو" رأسة الى الحائط المجاور لة وهو يقول: تسلم ايديك يأمة

تسلملى من كل ردى يابنى

تسلم ايديك يأمة تسلميلى انت وجوزك يابنتى

 

**

وبعد ان فرغوا من شرب اكواب الشاى حتى سمعوا اصوات تتهادى من بعيد وتقترب رويدا رويدا اصوات من الزغاريد تقترب حتى سمعوا دقات شديدة على باب الحجرة... فأسرع " حميدو" لفتح الباب وعلى شفتية ابتسامة عريضة من الرضا و السعادة.

مجرد ان فتح الباب حتى تسارع اخوات "صابرة" من الاطفال الى اختهم يلسمونها بمزيد من القبلات الحارة, يتبعهم اخوها الاكبر "محمد" و زوجتة وورائهم " ام صابرة" تحمل فوق رأسها صندوق من الكرتون بة ما لذ وطاب من خيرات الريف المصرى ( بطة كبيرة, وزوج من الدجاج, مع كمية صغيرة من الحمام, اما الاوزة هذة فهى هدية من احد الاقارب لم يتسنى لة الحضور لقلة ذات اليد !!!

وصوت الاوزة زاعق.... استيقظ على صياح هذة الاوزة معظم الزقاق !!!

اما الباقى فأستيقظ على صياح الديك البلدى ذو العرف الاحمر القانى

 

وهكذا امتلئت الحجرة الضيقة عن بكرة ابيها , ولم ينتهى كل فرد من اخذ مكانا لة فى الحجرة حتى سمع الجميع طرقات على باب الحجرة... انة طباخ" الهانم" وفى يدة علب كبيرة من بقايا الفرح من " الجاتوة" و " والترتات" وكمية كبيرة من اللحوم والاسماك.

 

**

 

 

لم ينتبة الجميع لما حدث لوالد" صابرة" الا عندما سئلت عنة ابنتة" صابرة" قائلة لأمها: امال فين ابويا يأمة؟

 

فنظرت الام حائرة فى اركان الحجرة.. فلم تجدة, وهنا اسرع اخوها" محمد" الى الباب ناظرا فى بداية الزقاق فوجد والدة متساند على بعض الرجال وهو يتألم, فلقد وقع والد"صابرة" فى الطريق ولم يلتفت الية احد.

فقال ابنة "محمد": مالك يابا

 

طوبة يابنى كانت فى طريقى لم انتبة اليها, خير يأبنى

وتساند على كتف ابنة الذى شكر الرجال المحيطين بوالدة واخذا طريقهما الى الحجرة وما ان شاهدتة " صابرة " حتى اسرعت الية تقبلة وهى تنفض عن جلبابة تراب الزقاق.

 

وما لبث ان عاد الفرح بالموجودين جميعا, هذا يلتهم قطعة من اللحم وآخر يأكل من الاسماك , اما الاطفال الصغار فقد وجدوا بديلا من حلوى البقال البديل قطع من " الجاتوة" اما " الترتات" فقد اخفتها " صابرة " تحت سريرها لتستمع بها مع "حميدو" الذى كان يبدو علية السعادة بالخير الكثير فحمد ربة فى سرة كثيرا.

***

 

كان كل شىء معد سلفا فلقد نامت اسرة "صابرة" فى حجرتها فى فيلا القمر وفى الصباح الباكر فتح لهم" عبد الغفور" حارس البوابة باب الفيلا واخذوا طريقهم الى ابنتهم.

 

 

ازدحمت الحجرة الضيقة اصلا  بالصغار فالاطفال على الكنبة وفوق السرير الذى مازال ساخنا, ففطنت الى ذلك" صابرة" التى فتحت الباب مواربا وطلبت من اخوتها الصغار ان يلعبوا بالخارج ويشموا هوا, فلم يكترث الاطفال لهذا الا بعد ان اعطتهم اختهم" صابرة" بعضا من النقود دستها فى يد  كل صغير , ففرحوا وذهبوا بعيدا.

اما "ام صابرة" فهى فى حديث طويل مع " ام حميدو"

والاب العجوز ركن ظهرة الى الحائط يدخن احدى سجائرة الملفوفة فى نهم واضح بعد ان التهم موزة كبيرة قدمها الية" حميدو"

 

كانت " صابرة" وسط هذا الجمع من الاهل سعيدة ممتلئة بالحيوية وكثيرة الحركة هنا وهناك بلا جدوى وبدون اى اسباب, وقد يكون ذلك مرجعة الى شىء من الحياء امام ابيها وامها.

 

وعندما هل موعد الغذاء كان على الطبلية الصغيرة زوج من الدجاج المحمر وقطع كبيرة من اللحم والاسماك

وكمية من الخبز تكفى بأذن الله.

 

 وما ان شاهد الضغار المنظر او احدهما حتى ارتصوا حول الطبلية ناظرين للطعام بشهية لم يستطعوا ان يخفوها

فتجمع اكثرهم حول صحون اللوبيا وكل يرصد هدفة الى قطعة كبيرة من اللحم, وقد تمكن الاب العجوز بصعوبة ان يدس فى فمة قطعة كبيرة من الخبز مغموسة فى صحن اللوبيا المطبوخ جيدا وتناول جزءا يسيرا من الدجاج التى حملها بيد مرتعشة, اما " ام صابرة" فنزلت على الطعام وكأنها كانت تصوم الدهر كلة, ولقد كان من نصيب        " محمد" اخو "صابرة" وزوجتة نصيب الاسد فى توزيع اجزاء الدجاجتين التى قام بشرائها ابوها من سوق الاربعاء بالقرية المجاورة لمزرعة" الهانم " فى الريف.

 

اما " صابرة" فكانت تقوم بعملية التخديم عليهم فى سعادة وتعطى من يقف الطعام فى حلقة اكوابا من الماء متلاحقة عسى ان تجدى فى سرعة البلع.

 

واثناء ذلك ذهب "حميدو" خلسة لشراء كمية من الارغفة كمساعدة منة فى حل للموقف هذا.

ولقد مرقت " ام حميدو" ايضا لشراء مزيد من بكوات الشاى من الدكان المجاور لحجرتهم, وعلى صوت     "وابور الجاز" ركن كلة فى مكانة وعاد الاطفال الى اللعب على السرير وفوق الكنبة وخارج الحجرة الضيقة.

 

 

***

 

واثناء ذلك كانت "عقيلة هانم" تتناول طعام الغذاء فى حجرة الطعام الواسعة الاركان بمفردها

شرائح من اللحم المشوى وصحنا من السلاطة كبير اعدها الطباخ وقام بتوزيع الطعام" السفرجى"

وبصعوبةى بالغة تناولت قطعة صغيرة من شرائح اللحم فقطعة من الطماطم الطازجة, وقامت تزرع الغرفة ذهابا و ايابا فى تفكير عميق .. عن وحدتها القاتلة هذة.

 

فكان لابد ان تجد من يحل مكان "صابرة" فهى لا تستطيع ان تعيش بمفردها فى الفيلا الكبيرة هذة, ولا يوجد معها بنت من بنى جنسها, فكل من يعمل بالفيلا من الرجال........... واثناء تفكيرها  العميق انتبهت الى صوت             " السفرجى" يخبرها بأن السيد الوكيل" تامر" فى حجرة الصالون, فأندفعت مهرولة الية دون ان تنتبة الى وقارها امام " السفرجى", هرولت الية الى حبيبها" تامر"  وكأنها لم تراة منذ امد بعيد.

 

 

 

 

 

**

للقصة بقية طويلة فهى تعالج امور الغنى الفاحش و الفقر المدقع....................

هذة القصة الى كل من يتطلعون الى الانسانية العليا, و التراحم بين البشر

... كل الشكر لكم.. مع تحياتى

 

 

 

مهندس

 

هانى سويلم

القاهرة للادوية

 

hanyswailam@hotmail.com

http://qanter.50megs.com

 

 

 

السلام على الجميع ... سويلم

 

BACK

Google

 

 

 

معظم ما نشر فى مجلة العرب    

معظم ما نشر فى مجلة الركن الاخضر  

معظم ما نشر لى فى جريدة مصر الحرة

معظم ما نشر لى فى صحيفة فضفضة

معظم ما نشر لى فى صحيفة نور الفجر

معظم ما نشر لى فى الوطن

معظم ما نشر لى فى المثقف

معظم ما نشر لى فى مركز النور

معظم ما نشر لى فى الفوانيس

 

 

شريط الأنباء
الامثال الشعبية
نهر النيل
تربية النحل
اهمية المتابعة
الموسوعة الطبية
مناسك الحج
اربح المليم
البحر الميت
معلومات مفيدة
فوائد الليمون
عن الكرة لتكلم
رياح الخماسين
من القرية نبدأ
القرية الذكية
اللغة الهيروغليفية
حكمة
مثلث الحياة
هارون الرشيد
من النقش الى العلم
عودة الحمير
مقالاتى فى الجرائد
رد الجميل
سفينة الصحراء
شكر خاص
من مثل فاطمة ؟
اليورو .. و انا
ظاهرة جديدة
عجائب الدنيا
التغذية
موعظة لأبنى
ازيلوها
الشجرة  الأم
مثلث التنمية
مصادر الطاقة
قصص قصيرة
وسط الجماهير
ابنى موقع
الشيكولاتة
السماد و سنينة
سياحة المعلومات
السد العالى
تربية الارانب
خواطر من بعيد
قنتير العاصمة
الى امى
عمر بن الخطاب
لا شىء يعجبهم
ازرع شجرة نيم

BACK

من مقالات سويلم

عجائب الدنيا السبع

الهجوم الكبير
المرأة الجديدة
النيل و طمية
الكادر للجميع
كفة الميزان الراجحة
الاقصر
ما اجملها فكرة
عليهم السلام جميعا
 
 
 
 
سويلم فى اصوات الشمال

 

 

 

 

الامثال الشعبية

هذا هو الانسان

جسم الأنسان

فوائد البصل

العلم الازلى

من اطياف احلامى

اخلاق الاسلام

شركات الادوية

القاهرة للادوية

الاعاصير

صراخ صامت من بعيد -1

صراخ صامت من بعيد -2

صراخ صامت من بعيد -3

صراخ صامت من بعيد -4

صراخ صامت من بعيد -5

صراخ صامت من بعيد -6

صراخ صامت من بعيد -7

صراخ صامت من بعيد -8

جولة الى عجائب الدنيا

وصية أم لأبنتها

الزراعة - الصناعة -الزراعة

الشهور الفرعونية

العملة الموحدة

سويلم فى صحيفة آخر خبر

سويلم فى مجلة مسارات

عن الفيمتو

الايثانول البديل المنتظر

الاسعافات الاولية

الانتاج والتصدير

السياحة فى مصر

مصر فى القرآن

عيد الأبن البار

عن البطالة اتكلم

سويلم فى مجلة العرب

سويلم فى روزاليوسف

سويلم فى مكتوب

سويلم فى مجلة الجدار الحر

سويلم فى الركن الاخضر

سويلم فى مجلة قطر الندى

سويلم فى جريدة الشباب

سويلم فى جريدة مصر الحرة

سويلم فى صحيفة فضفضة

سويلم فى صحيفة نور الفجر

سويلم فى مجلة المحيط

سويلم فى صحيفة المثقف

سويلم فى جريدة العمل

سويلم فى مجلة الفوانيس

سويلم فى مجلة صوت العروبة

سويلم فى مجلة وطن

سويلم فى مركز النور